الفرق بين لم ولما من حيث المعنى: اكتشف أسرار اللغة العربية وفنون التعبير!
اللغة العربية تمتاز بتعقيدها وجمالها، مما يجعل دراسة قواعدها أمرًا بالغ الأهمية،تعد أدوات الجزم من العناصر الأساسية في النحو العربي، حيث تساعد في تحديد المعاني وتوجيه الفهم الصحيح للنصوص المختلفة،من بين هذه الأدوات، نجد “لم” و”لما” اللتين تلعبان دورًا مهمًا في إحداث الفروقات الزمنية والمعنوية في الجملة،في هذا البحث، سنتناول بعمق الفرق بين “لم” و”لما” من حيث المعنى وعمل كل منهما، وسنسلط الضوء على أوجه الشبه والاختلاف بينهما.
الفرق بين لم ولما من حيث المعنى
لفهم الفرق بين “لم” و”لما” بشكل أعمق، يجب علينا توضيح عمل كل منهما بشكل مفصل قبل الخوض في الفروقات المعنوية بينهما،هنا سنلقي نظرة على طبيعة عمل “لم” وما يتضمنه من خصائص نحوية.
عمل لم
تشير كتب النحو إلى أن “لم” تُعرف بأنها حرف نفي وجزم وقلب، وهي تتسم بالخصائص التالية
- تعمل على نفي الجملة المثبتة وتحويلها إلى جملة منفية.
- تدخل على الفعل المضارع، فتجزم الفعل الذي يأتي بعدها.
- تقوم بقلب زمن الفعل من زمن الحال أو الاستقبال إلى زمن الماضي.
مثال على ذلك هو قوله تعالى في الآية 247 من سورة البقرة “… قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ”،هنا، نجد أن الفعل “يُؤْتَ” جاء مجزومًا، حيث تم حذف حرف العلة (الألف)، وعُلم ذلك من الفتحة على الحرف الذي يسبقها.
مثال آخر من سورة الإخلاص “لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)” حيث الأفعال “يلد” و”يولد” مجزومة بالسكون، مما يعزز فهمنا لعمل “لم”.
عمل لَمَّا
أما “لما”، فهي تعمل أيضًا كحرف نفي وجزم وقلب، بنفس الأسباب التي تميز “لم”،مثال واضح على ذلك هو في قوله تعالى في سورة عبس “كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (23)”، حيث نجد أن الفعل المضارع “يقض” جاء مجزومًا بتعذر وجود حرف العلة، ودل ذلك على الكسر الذي سبق موضع الحذف.
أنواع لما
يجب الإشارة إلى أن “لما” تنقسم إلى نوعين، الأول هو الحرف الذي ذكرنا، والذي يكون أداة جزم، والنوع الثاني هو بمعنى ظرف الزمان، حيث تدخل على الفعل الماضي،على سبيل المثال، في قوله تعالى “فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا”، نجد هنا “لما” بمعنى حين، حيث جاء جواب الشرط فعلاً ماضياً.
وأيضًا في قوله تعالى “فَلَمَّا جَاءَهُم بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِّنْهَا يَضْحَكُونَ”، نجد “لما” في سياق الزمن، مما يوضح الفرق بين الاستخدامات المختلفة.
إذًا، يتضح أن الفرق بين “لم” و”لما” ينحصر في المعاني التي تتميز بها كل أداة، خاصة عند الأخذ في الاعتبار العلاقة بين زمن الفعل وموضع النفي.
أوجه الشبه بين لم ولما
كما ذكرنا سابقًا، تعمل “لم” و”لما” كأداتين لجزم المضارع، وتجمعهما ثلاث ميزات رئيسية، وهي
- كلاهما أدوات جزم مختصتان، حيث تدخلان على الفعل المضارع ولا يمكن أن تردا على غيره.
- كلاهما أدوات جازمة.
- عند المعنى، كلاهما يعمل على تحويل زمن الفعل من الحال أو الاستقبال إلى الماضي.
أوجه الاختلاف بين لم ولما
في الوقت نفسه، تختلف “لما” عن “لم” في أربع أوجه رئيسية
الوجه الأول
حيث إن “لم” تأتي لنفي مستغرق في الماضي، في حين “لما” لا يجوز معها إثبات الفعل، مما يوضح فرقًا جوهريًا في الاستخدام.
على سبيل المثال، إذا قلنا “لم أتكلم اليوم خوفًا من العقاب”، فإن هذا يعني أنني لم أتكلم اليوم،بينما إذا قلنا “لما أتكلم اليوم خوفًا من العقاب”، فهذا يعني أنني لم أتحدث في الماضي ولم أتحدث في الحاضر، وبالتالي تستمر الحالة من النفي.
الوجه الثاني
الفعل المنفي باستخدام “لم” لا يتوقع حدوثه، بينما الفعل المنفي باستخدام “لما” يتوقع حدوثه في المستقبل.
هذا ما يتضح في الآية الكريمة “أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا ۚ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي ۖ بَل لَّمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ”، حيث الفعل غير المتوقع حدوثه هو “يَذُوقُوا” الذي يفتح المجال لمفهوم المعاني المستقبلية.
الوجه الثالث
يجوز استخدام “لم” بعد أداة الشرط، بينما “لما” لا تُستخدم في مثل هذه الحالات، كنا نرى في استخدامات القرآن الكريم.
الوجه الرابع
كما أن “لما” يمكن أن تحذف الفعل المجزوم بعدها، بينما “لم” لا يمكن حذف الفعل المضارع بعدها دون أن تفقد معناه.
على سبيل المثال “قاربت العمل ولما”، حيث أنه يمتد تأثيرها إلى الحاضر، في حين أن “لم” تحتفظ بمعناها النفي، مما يُقيد استخداماتها.
الفرق بين لم ولما من حيث المعنى (لما الظرفية)
إذا نظرنا إلى “لما” بمعنى ظرف الزمان، فإنها تدخل في سياق زمني مختلف تمامًا عن “لم”،لذا، فإن كلاهما ينتمي إلى فئات نحوية مختلفة، مما يزيد من تعقيد الدراسات النحوية.
بالتالي، نجد أن الفروقات بين “لم” و”لما” ليست فقط على مستوى الاستخدام، بل تمتد إلى المعاني والدلالات الزمنية، مما يعكس ثراء اللغة العربية وتنوع أساليب التعبير فيها.