رأي الأئمة الأربعة في فوائد البنوك: رؤى شاملة ونقاشات عميقة تنكشف عن قيم مصرفية في عالمنا الحديث
في عالمنا المعاصر، أصبحت القضايا المالية والمصرفية تحظى باهتمام كبير، وخاصة عندما يتعلق الأمر بمعايير الدين الإسلامي،تثير فوائد البنوك الكثير من الأسئلة والتساؤلات بين المسلمين حول مشروعيتها وما إذا كانت تندرج تحت مسمى الربا المحرم،لذلك، تظهر أهمية رأي الأئمة الأربعة في هذا الموضوع حيث يقدمون تعاليم دينية ومفاهيم فقهية تستند على نصوص قرآنية وسنة نبوية،سنقوم في هذا المقال بإلقاء الضوء على آراء هؤلاء الأئمة والمشايخ فيما يتعلق بفوائد البنوك وأحكامها الشرعية.
رأي الأئمة الأربعة في فوائد البنوك
صرح مفتي الجمهورية السابق الدكتور علي جمعة بأن الأئمة الأربعة اتفقوا على أن فوائد البنوك لا تندرج تحت بند الربا،يُعتبر الربا في الأموال المتعلقة بالفضة والذهب فقط، وبالتالي فإن الفوائد البنكية لا تُعتبر محرمات،يستند هذا الرأي إلى ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث المعروف (بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والملح بالملح إلا إذا كان بنفس الوزن). ومع ذلك، تتباين الآراء بين العلماء حول هذا الموضوع، حيث يرغب بعضهم في تصنيف الفوائد على أنها حلال بينما يعتبرها الآخرون محرمة،سنسلط الضوء على بعض آراء علماء الدين الأجلاء حول هذا التساؤل.
- أوضح الشيخ سيد الطنطاوي رحمة الله عليه بأن الفوائد البنكية تعد حلالاً ولا حُرمة فيها.
- على النقيض، أكد الأمين العام في لجنة الفتوى بالجامع الأزهر على أن الفوائد البنكية مُحرمة ولا مجال للجدال حولها.
- الدكتور محمد الشحات أشار إلى أن الفوائد محرمة، موضحًا أن التعامل كان في السابق عبر الذهب والفضة، ولكن النظام اليوم يعكس واقعًا جديدًا حيث يتم استخدام النقود كبديل.
- الدكتور شوقي علام، مفتي الديار، قال إن الفوائد البنكية لا تُعتبر من المحرمات، بل هي عبارة عن ربح تمويل ناتج عن رضاء المتعاملين ولا يوجد ما يدعم ذلك في القرآن أو السنة.
حكم أخذ الفوائد البنكية
بينما نتعرف على آراء الأئمة الأربعة، من الضروري أيضًا أن نبحث في حكم أخذ الفوائد البنكية من منظور الإسلام، والذي يتلخص كالتالي
- أجمعت كوكبة من علماء الدين على أن المال المشروطة تندرج تحت مسمى الربا، وتُعتبر من الأشياء المحرمة التي ينبغي تجنبها.
- توجد العديد من البنوك الإسلامية التي تعمل على الاحتفاظ بالأموال وتفادي أي نسبة ربح على المال، مما يجعلها بعيدة عن الربا.
- إذا كان هناك ضرورة لإيداع الأموال في البنوك، فيجب الاستفادة من المال المودع فقط، ويمكن التبرع بالفوائد إلى المؤسسات الخيرية للطهارة من المحرمات.
رأي الشيخ الشعراوي في فوائد البنوك
الشيخ محمد متولي الشعراوي، أحد أبرز علماء الإسلام، أعرب عن رأيه في فوائد البنوك، معبرًا عن تعجبه من التحايل الذي يحدث على الدين لتلبية الأهواء الشخصية،فقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال «إن الحلال بيّن وإن الحرام بيّن، وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس…»،
اعتبر الشيخ الشعراوي أن علماء المسلمين انقسموا إلى فريقين فريق يجيز الفوائد وفريق يعتبرها محرمة،وواصل توضيح أن الرسول الكريم نصح بالابتعاد عن الشبهات، وإذا استخدم المسلم عقله في هذا الصدد، فلن يحتاج إلى السؤال عن حكم الأئمة.
وفي نهاية الأمر، يعتبر الشيخ الشعراوي أن الفوائد البنكية تقع ضمن الشبهات، لذا يجب على المسلمين تجنبها قدر الإمكان تجنبًا للوقوع في المعاصي.
رأي الشيخ أحمد الطيب في الفوائد البنكية
الشيخ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، يُعتبر واحدًا من الشخصيات البارزة في الساحة الدينية ويستند رأيه إلى شواهد واضحة،لقد قال الشيخ أحمد الطيب إنه لا يوجد دليل على أن إيداع الأموال في البنوك يُعتبر محرمًا،بعد مناقشات مع دار الإفتاء، وُجد أن هدف الإيداع للاستثمار يُعتبر حلالاً، خاصة إذا لم يكن الشخص يمتلك عملًا يضمن له دخلًا ثابتًا.
- يشير الشيخ إلى أنه إذا تم أخذ الأموال كقرض، فإنها تُعتبر ربا، وبالتالي تكون محرم.
رأي مفتي السعودية في الفوائد البنكية
لقد صرح الشيخ عبد العزيز آل شيخ، مفتي المملكة العربية السعودية، بأن إيداع الأموال في البنوك لا يُعتبر حرامًا إذا تم الحصول على الفوائد، بشرط أن يكون الشخص الذي يودع المال بلا وظيفة ولا دخل ثابت،هذا يوضح أن أولئك الذين يحتاجون بشدة لهذه الأموال في حالات الضرورة يكونون في وضع يتيح لهم الاستفادة من الفوائد، لكن يتعين الوثيق في استخدامها للأغراض التنموية والخيرية وليس لشراء المصاحف أو بناء المساجد.
رأي الأزهر في فوائد البنوك
عند الحديث عن رأي الأزهر، يتعين التأكيد على أن هناك آراء متعددة حول فوائد البنوك،بعض العلماء يرون أن هذه الفوائد محرمة واعتبروها ربا، بناءً على قول الله سبحانه وتعالى (أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)،بينما يرى بعض العلماء الآخرين أنه، إذا كانت الأموال تُودع في البنوك بغرض الاستثمار، فلا يُعتبر ذلك ربا.
وبهذا، يظهر التباين الكبير في الآراء حول حكم فوائد البنوك، وفي إطار ذلك يعيدنا الحديث إلى أهمية الابتعاد عن الشبهات وإيجاد بدائل في البنوك الإسلامية التي تلتزم بمعايير خالية من الربا،إن السعي لفهم هذه الآراء سيساعد المسلمين في اتخاذ قرارات مالية واعية تتماشى مع قيم دينهم.