فإن تولوا فقل حسبي الله للمحبة: قوة الإيمان في مواجهة الفراق والتخلي
في عالم يتزايد فيه التحديات والنكبات، تكتسي الكلمات الربانية بمغزى عميق يعيد للأذهان أهمية التوجه إلى الله سبحانه وتعالى،الآية الكريمة “فإن تولوا فقل حسبي الله” تحمل في طياتها رسالة نابعة من مشيئة إلهية، موجهة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم في وقت كان فيه يتعرض للرفض والعزلة من قومه،من خلال هذه المقالة، سنستكشف كيف يمكننا تطبيق هذا المبدأ في حياتنا اليومية، ودوره في تعزيز إيماننا والتوجه نحو الله كحماة وموصلين للطمأنينة.
فإن تولوا فقل حسبي الله للمحبة
عندما نتأمل في جوهر القرآن الكريم، نرى أنه يقدم علاجًا شاملًا لكل نواحي الحياة الإنسانية،يتطلب منا الأمر أن نتدبر آياته الكريمة ونعمل حسب توجيهاته في مسار حياتنا اليومية،فقد أُنزل القرآن ليكون دليلًا واضحًا للسير نحو النجاح والفلاح، حيث يذكر الله تعالى في كتابه الحكيم “إِنّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلّتِي هِيَ أَقْوَمُ”،وهذه دعوة صريحة أن نكون في صف الله ونسير على هديه في كل جوانب حياتنا.
لا يمتلك الإنسان سبيلًا لتحقيق أهدافه وطموحاته إلا بتقربه إلى الله واستمداد القوة من تعاليمه، وهو ما أشارت إليه الآية الكريمة “يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَآءٌ لِّمَا فِى ٱلصُّدُورِ”،هذه الآيات تتحدث عن الهداية والشفاء الداخلي الذي ينجم عن الإيمان وثقة القلب بالله، فلا غنى عن اعتناق تعاليم القرآن والعمل بها لتحقيق السعادة والاستقرار النفسي.
إن استخدام كلمة “فإن تولوا” يدفعنا للتفكر في معاني هذه العبارة،فقد يعتبر البعض أن هذه الآية مرتبطة بسياقات مختلفة، ومنها وجود افتراءات تحوم حول استخدامها لإحداث تأثيرات حب أو جذب الآخرين، وهو أمر يتنافى مع غرض الآيات القرآنية الأصلية،ومن المهم أن نفهم رمزيتها عبر الدين الصحيح بعيدًا عن التصورات السطحية والمسيئة للنصوص المقدسة.
تفسير قوله تعالى فإن تولوا فقل حسبي الله وسبب نزوله
لندرك المعاني الحقيقية وراء الكلمات السامية، يجب علينا أن نغوص في أعماق التفسير ونعرف أسباب نزول الآيات القرآنية،فعندما نبحث عن سبب نزول الآية “فإن تولوا” نجد أنها جاءت لتخفيف معاناة النبي صلى الله عليه وسلم، الذي واجه تحديات وصعوبات من قومه الذين أنكروا دعوته وكذّبوه، وهو كان بينهم الصادق الأمين.
سورة التوبة تعكس أجواء الصراع والتضحية، حيث تركز الآيات على الصمود أمام أعداء الدين وتبديد الشكوك،الله هنا يرشد نبيه بأنه لا يجب الاعتماد على البشر، بل يجب اتكال الرسالة الربانية وعلى قدراته في مساندة المؤمنين،تقديرًا لهذا الموقف المهم، فإن الثقة في الله يجب أن تكون الأداة التي يستند إليها الإنسان عندما تواجهه المصاعب والتحديات،هذه الرؤية تعزز قوة الإيمان وتدعم الروح الإنسانية في الأوقات الصعبة.
فضل قول (حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم)
من المعروف أن الدعاء والذكر يعدان وسيلتين رائعتين لاستمداد الدعم الروحي والمساعدة الإلهية،ومن أبرز الأذكار التي تردد في الصباح والمساء هي عبارة “حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت”،وكثيرًا ما يوصى بتكرارها، حيث تُعتبر وسيلة لتقوية الإيمان ومواجهة الصعوبات.
- ورد عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن من قال هذه العبارة سبع مرات فإن الله سيكفيه ما أهمه.
- وينسب حديث آخر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، يؤكد فضل هذه الكلمات في حمايته من قسوة الحياة ومتاعبها.
إلى جانب ذلك، من المهم أن نبعد عن الفهم السطحي للأقوال النبوية،فعبارة “فإن تولوا فقل حسبي الله” ليست عبارة تُستخدم لتحقيق محبة الآخرين بشكل سحري، بل هي دعوة للاعتماد على الله فوق كل شيء آخر،لذا ينبغي على المسلم الالتزام بالأذكار المشروعة والاستلهام من النصوص الدينية الصريحة فقط.
في ختام هذه التحليلات، يمكن القول إن الآية “فإن تولوا فقل حسبي الله” ليست مجرد كلمات عابرة، بل هي دعوة عميقة تعكس إيماننا القوي وارتباطنا بالله،يجب علينا الاستفادة من هذه الحكمة وتطبيقها في حياتنا اليومية لنتمكن من التغلب على العقبات والصعوبات،لنكن دائمًا على يقين بأن الله هو وحده من يملك مغفرة الذنوب، ومنه وحده نستلهم القوة والإلهام لاستمرار السير نحو الخير.